جُزُرِ البَحْرِ الأَصْفَرْ

 

جُزُرِ البَحْرِ الأَصْفَرْ

6:36

هل تَذْكُرُ تشكيلنا للغيوم سويّاً؟

تلك الغيمة التي صادفتنا وكانت على شكل شمس بل وكانت هي الشمس بحدِّ ذاتها

هل تذكر؟

تغاريد الزهور الملقاةِ على الأرض!

أوَ كان الخريف آنذاك ولم تُعلَنْ عليه حَرَائبُهُ؟

هل لي بجولةٍ أخرى في ربيعك؟

**

بينما تُمَازِجُ الطبيعة ملامح تلك الفتاة التي خلت على ملامحها اثار العاديّ وتزيّنت بالتميّز والروعة.

"تشهد بلدة ديميانار على تتويج الأميرة سِليستيا كأغرب فتاة في البلدة" قيلت بصوت هزائي مع ابتسامة وتاجٍ من الورود الربيعية

تهافتت الضحكات من كل مكان في ذلك الزقاق الذي كان من أجمل الأزِّقة في البلدة حيث استولى عليه عصابة قد سميّت بالعصابة البيضاء، هناك سترى أروع الحكايا التي تنسجها خيال الأطفال المبدع وترأسُهم سِليستيا ذات القلب المرح اللطيف

"أحسنت سِليستيا، هل لك بإعادة قصتك رجاءً" 

وبعد أن أصرّ الجميع على ذلك بدأت بنسيج ثوبها الخاص الأسطوري من الكلمات 

"في مكان بعيد حيث الشمس والغيوم والسماء تقع، ولدت أجمل غيمة في الأعالي ومن كثر غيرة وحقد الغيمات الأخر أُلقِيَت عليها تعويذة، فنزلت على الارض بهيأة بشرية، فتاة ذو شعر أزرق كالبحر، وعيون زرقاء داكنة كالليل، ونمش على وجنتيها مثل الرمل على الشاطئ وبشرة حنطية اتخذت ألواح الأشجار منها ملجئً، واخيراً قلب غيمة أبيض، ولكنها لم تشعر بالانزعاج من تلك اللعنة بل شعرت بفرحة عميقة وانها واخيرا اصبحت بشراً يمكنه التعبير عن شعوره كالغيوم ويمكنه الجري في الزقاق ليتحدث مع البشر اللطيفين وقد تمت تسميتها باسم سِليستيا لكي تكون ملكة السماء على الأرض" أنهت سِليستيا حديثها وانحنت مع قبعتها البيضاء الفرنسية  وكأنها حقاً روائية مشهورة تقف على المسرح المشيّع في السماء الصافية، تعالت أصوات التصفيق لها وصوت عملات على شكل علكة بالفراولة  التي تبحها سِليستيا فتأخذها عوضا عن عملات الحديد التي تمسكك رائحتها المعدنية إلى الأبد، بعكس رائحة العلكة بالفراولة التي تنسيك كل شيء مُرّ، هكذا كانت تظن.

أشارت للأصدقائها بالمكوث وقالت بصوتها الذي يشير على وجود أعجوبة قادمة" اليوم سأخبركم بقصة جديدة وهي قصة جُزُرِ البحر الأصفر، حينما كان يقترب الربيع كنا أنا وأقراني من الغيوم نتراكض في السماء ونلعب الغميضة، وكان لي مكان أحبه في الاختباء والى الآن لم يعلم به أحد، كنت أذهب بعيداً حيث الشمس،  حيث كانت تخبِّئُني بأشعتها التي كادت أن تخترقني كلي، وأجلس وأحادثها عن يومي وما جرت من أحداثٍ في مخيّلتي، كانت الشمس جميلة جداً تنْصت بعمقها وتتفوه بالحكم فقط، فكانت مرشدتي الروحية آنذاك، تدلني على الخير وتساعدني في تجازو الأزمات التي كادت أن تقتلني، كان همسها وصوتها يُذْهِبان عقلك فحينما تتحدث كنت ألتَمِسُ السكون لا الصمت!ّ وكأن جميع الكون بانتظار سماع صوتها، وحكمتها.. كوّنت صداقة عميقة مع الشمس هي أحبتني وأنا أحببتها وأصبحت لعبة الغميضة هي السبيل الوحيد لكي ألقاها، لم يكن يعلم أحد بشمس كانت صديقتي الظاهرة على الانظار والمخفية في الأعماق في آنٍ واحد كالشمس تماماً، كنت أحب منظر شمسي وهي تغادر رغم شعوري بالحزن إلا أن امتلاء السماء بالشعاع الأصفر الذي يصبح داكناً ومائلاً للحمرة، كان يمثل وجنتاي حينما أحادثها فأشعر بنوع من السكون والحب الذي لا يوصف، أما البحر الذي كان يقع أسفلي فكان يمتزج بألوان السماء فأشعر بتوحد الكون كله في لوحة رائعة جدا!، ولكن بعدما أُلقِيَت عليّ لعنة الغيوم وتحولت لبشرية على هذه الأرض، مازلت الشمس تتواصل معي بنسيمها وشعاعها، وكأنها لم تنساني إطلاقاً!، وحينما يأتي الشتاء أشعر بأن الأمطار ماهي إلا دموعٌ من مُقْلَتيّ الشمس حزناً على فراقي، أساً على قسوة الغيرة والحقد فكانت دوما تقول لي "إن كل حقدٍ، نقصٌ يُذهب بقبحه كمال نورانية الإنسان"، هكذا كانت أقاويل شمسي، ذو عبق حكيم وواعي، أتذكر أنني حينما كنت آتي إليها كانت تخبرني بقدر اشتياقها لي، لأنني الوحيدة التي اتَخَذَتْها ملجاءً لكل كياني وروحي"

انبثق صوت خفيف يشير إلى حيرة السائل ولطفه"هل الآنسة شمس تحبنا ايضا يا سِليستيا!؟"


قهقهت سِليستيا ولأن من أحد قوانين العصابة البيضاء أن لا يقاطع احدا رواية أحد، ولكن يبدو أن قلب غيمتنا كان مسامحاً هذه المرة لأنها قاربت على النهاية من الأساس" بالتأكيد تحبنا، هل رأيت منها كرهاً نابعاً منها قط؟"
"ولكنها لا تتحدث معنا!، ولا ترينا عطفها!، أشعر بأنها كيان مغرور"قالها الطفل الصغير بحزم

ابتسمت سِليستيا " إن كنت حقاً تود أن تكتشف عطف الشمس وعظمتها، فأغلق عينيك وانظر بداخلك، ستجد شمساً ليست كأي شمس، ستجد نورك، حينها يتفهم المغزى الحقيقي من الكلمات الصغيرة، حينما كنت غيمة لم تكن هناك كلمات قادرة على التعبير، لم تكن هناك كلمات أساساً، كنا نتواصل من أعماقنا، من قلوبنا الداخلية، لهكذا كنا نملك فينا شمساً صغيرة، ولكن بعض الخلق رفض النظر في عمقه وفضل السطحية على ذلك فنشأت الأنانية، التملك، التكبر، الحقد، وغيرها مما يندرج تحت مسماها، فالناقص الذي يشعر بنقصه ينظر للآخرين بصورة الكمال فتصبح في قلبه بدلاً عن الشمس كتلة من السواد المشتعل والمحروق، مما يجعل كل حياته بهذا الشكل، إننا نرى من أعيننا ولكننا نبصر من قلوبنا وهذا هو الفارق الحتمي الذي نجهله!"

نظر إليها الطفل بكامليّة طفوليّته وأومأ برأسه دلالةً على استيعابه التام بما قبل 

***

اليوم نحلم بالطيران في السماء بين الغيوم، غدا نحلِّق بأثيرنا نحو الكون، في أعماقنا

12:21

4.24.2022

https://www.wattpad.com/1201730390-celestia-

تعليقات

المشاركات الشائعة